الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.أخبار الغز بالري وأصفهان وأعمالها وعودهما إلى علاء الدولة. قد تقدم لنا في غير موضع بداية هؤلاء الغز وأنهم كانوا بمفازة بخاري وكانوا فريقين: أصحاب أرسلان بن سلجوق وأصحاب بني أخيه ميكائيل بن سلجوق وأن يمين الدولة محمود بن سبكتكين لما ملك بخاري وما وراء النهر قبض على أرسلان بن سلجوق وسجنه بالهند ونهب أحياءه ثم نهض إلى خراسان ولحق بعضهم بأصفهان وبعث محمود في طلبهم إلى علاء الدولة بن كاكوبه فحاول على أخذهم وشعروا ففروا إلى نواحي خراسان وكثر عيثهم فأوقع بهم تاش الفوارس قائد مسعود ابن سبكتكين فساروا إلى الري قاصدين أذربيجان وكانوا يسمون العراقية وكان أمراء هذه الطائفة كوكتاش ويرفأ وقزل وبعمر وناصفلي فلما انتهوا إلى الدامغان خرج إليهم عسكرها فلم يطيقوا دفاعهم فتحصنوا بالجبل.ودخل الغز البلد ونهبوه ثم فعلوا في سمنان مثل ذلك ثم في جوار الري وفي إسحاقا باذ وما جاورها من القرى ثم ساروا إلى مسكوية من أعمال الري فنهبوها وكان تاش الفوارس قائد بني سبكتكين بخراسان ومعه أبو سهل الحمدوني من قوادهم فاستنجدوا مسعود بن سبكتكين وصاحب جرجان وطبرستان فأنجداهم وقاتلا الغز فانهزما وقتل تاش الفوارس وسار إلى الري أبو سهل الحمدوني فهزموه وتحصن بقلعة طبرك ودخل الغز الري ونهبوه ثم قاتلوه ثانيا فأسر منهم ابن أخت لعمر من قوادهم فبذلوا فيه ثلاثين ألف دينار وإعادة ما أخذوا من عسكر تاش من المال والأسرى فأبى أبو سهل من إطلاقه وخرج الغز من الرق ووصل عسكر جرجان وقاتلوا الغز عندما قاربوا الري وأسروا قائدهم وألفين معه وساروا إلى أذربيجان وذلك سنة سبع وعشرين وأربعمائة.ولما سار الغز إلى أذربيجان صار على الدولة إلى الري فدخلها بدعوة مسعود بن سبكتكين وأرسل إلى أبي سهل الحمدوني أن يضمن على البلد مالا فأبى فأرسل علاء الدولة يستدعي الغز فرجع إليه بعضهم وأقام عنده ثم استوحشوا منه وعادوا إلى العيش بنواحي البلاد فكرر علاء الدولة مراسلة أبي سهل في الضمان ليكون في طاعة مسعود بن سبكتكين وكان أبو سهل بطبرستان فأجابه وسار إلى نيسابور وملك علاء الدولة الري ثم اجتمع أهل أذربيجان لمدافعة الغز الذين طرقوا بلادهم وانتقموا من الغز فافترقوا فسارت طائفة إلى الري ومقدمهم يرقا وطائفة إلى همذان ومقدمهم منصور وكوكتاش فحاصروا بها أبا كليجار بن علاء الدولة وأنجده أهل البلاد على دفاعهم وطال حصارهم لهمذان حتى صالحهم أبو كليجار وصاهر كوكتاش وأما الذين قصدوا الري فحاصروا بها علاء الدولة بن كاكويه وانضم إليهم فناخسرو بن مجد الدولة وكامد صاحب ساوة فطال حصارهم وفارق البلد في رجب ليلا إلى أصفهان وأجفل أهل البلد وتمزقوا ودخلها الغز من الليل واستباحوها واتبع علاء الدولة جماعة منهم فلم يدركوه فعدلوا إلى كرج ونهبوها ومضى ناصفلي منهم إلى قزوين فقاتلهم حتى صالحوه على سبعة آلاف دينار وصاروا إلى طاعته ولما ملكوا الري رجعوا إلى حصار همذان ففارقها أبو كليجار وصحبه الوجوه والاعيان وتحضنوا بكنكون وملك الغز همذان ومقدمهم كوكتاش ومنصور ومعهم فناخسرو بن مجد الدولة في عدد من الديلم فاستباحوها وبلغت سراياهم إلى استراباذ وقرى الدينور وقاتلهم صاحبها أبو الفتح ابن أبي الشوك فهزمهم وأسر منهم حتى صالحوه على إطلاقهم فأطلقهم ثم راسلوا أبا كليجار بن علاء الدولة في المتقدم عليهم يدبر ملكهم بهمذان فلما جاءهم وثبوا به فنهبوا ماله وانهزم وخرج علاء الدولة من أصفهان فوقع في طريقه بطائفة من الغز فظفر بهم ورجع إلى أصفهان منصورا ولما أجاز الفريق الثاني من الغز السلجوقية من وراء النهر وهم أصحاب طغرلبك وداود وطغرلبك وبيقوا وأخوهم إبراهيم نيال في العسكر لاتباع هؤلاء الذين بالري وهمذان وساروا إلى أذربيجان وديار بكر والموصل وافترقوا عليها وفعلوا فيها الأفاعيل كما تقدم في أخبار قرواش صاحب الموصل وابن مروان صاحب ديار بكر وكما يأتي في أخبار إبن وهشودان..استيلاء مسعود بن سبكتكين على همذان واصفهان والري ثم عودها إلى علاء الدولة بن كاكويه. ولما فارق الغز همذان بعث إليها مسعود بن سبكتكين عسكرا فملكوها وسار هو إلى أصفهان فهرب عنها علاء الدولة واستوف على ما كان له بها من الذخائر ولحق علاء الدولة إلى أبي كاليجار بتستر يستنجده عقب انهزامه أمام جلال الدولة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة كما قدمنا فوعده بالنصر إذا اصطلح مع عمه جلال الدولة ثم توفي محمود بن سبكتكين ورجع مسعود من خراسان وكان فناخسرو بن مجد الدولة معتصما بعمران فطمع في الري وجمع جمعا من الديلم والأكراد وتصدها فهزمه نائب مسعود بها وقتل جماعة من عسكره وعاد إلى حصنه وعاد علاء الدولة من عند أبي كليجار وقد كان خائفا من مسعود أن يسير إليهم ولا طاقة لهم به فجاء بعد موت محمود وملك أصفهان وهمذان والري وتجاوز إلى أعمال أنوشروان وسروا إليه بالري واشتد القتال وغلبوه على الري ونهبوها ونجا علاء الدولة جريحا إلى قلعة فردخان على خمسة عشر فرسخا من همذان فاعتصم بها وخطب بالري وأعمال أنوشروان لمسعود بن سبكتكين وولى عليها تاش الفوارس فأساء السيرة فولى علاء الدولة.
|